لا عُذر لنا

 

شاهدت مقابلة مع لاعبي منتخب مصر لكرة القدم بعد المباراة التي تأهلوا فيها إلى دور 16، ولفت نظري أنهم يقولون أنهم يواجهون وقتًا صعبًا، ولكنهم كانوا رجالًا واستطاعوا التغلب عليها ولم أستطع أن أتمالك نفسي من الضحك، لأنهم أولًا لم يتأهلوا إلا بتعثر منتخب غانا وتعادله أمام منتخب موزمبيق، وثانيًا هو هل تخرج ملاعب كرة القدم رجالًا؟ ماذا نقول عن أهلنا في فلسطين؟ ولكن ما هكذا تورد الإبل!

لاعبي منتخبات كرة القدم يقومون بعملهم، في كل العالم تقريبًا، المشاهير في مجالات الفن والغناء يتصدرون الواجهة في كل مكان تقريبًا! وليس هؤلاء هم سبب تخلفنا.

ما يُحزن هو الجانب الآخر؛ يكون الإنسان في أشد درجات البؤس حينما ينظر إلى أمة الإسلام من غانا إلى فرغانة ويرى حالها بين الأمم، نحن لا نضيف شيئًا بالقدر الكافي إلى الحضارة، نستهلكها، ضيوفًا ثقلاء عليها.

وإذا خرج من بيننا من يبغي الإصلاح تكالبنا عليه، ووضعنا له العقدة في المنشار، وهو شيء لا نفعله مع الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، إذ نخاف أن ننكر عليهم فسادهم بقلوبنا حتى!

بينما عرفت الأمم الأخرى فلزمت، قدمت خيارها، وأخرت شرارها، ونجحت في جعل ما تريده واقعًا، رغم توحش الرأسمالية، وتفشّي الفساد، وتغوّل الأمراض الاجتماعية، و لو لم تكن هذه العقبات موجودة أمام الأمم الأخرى لأكلت علينا وشربت.

ثم تأتي جماعة أخرى، ثلة مغلوبين على أمرهم، حاصرهم الصديق قبل العدو، ومنعوا عنهم قوت يومهم، إلا ما يُبقيهم على قيد الحياة، غرفة خاصة ومجلس حرب لحساب السعرات الحرارية، وضعوهم تحت حمية قاسية، ثم لم يكتفوا بذلك، انهالوا عليهم ضربًا وتنكيلًا، وقتلوا منهم الآلاف، وشردوا منهم عشرات الآلاف، ورغم ذلك انتفضوا انتفاضة من يملك العالم، وحاربوهم وحاربوا من يتشدد لهم.

وقفوا صامدين أمام نداءات الجبناء، فسخر الله لهم أحرارًا من جميع أنحاء العالم يقاتلون عنهم في شتى الميادين.

نأو بأنفسهم عن الأهل والأصدقاء، في سبيل جدع أنف العدو وتحرير تراب الوطن، وتحقيق مشيئة الله، وجعل كلمته هي العليا، فتحقق لهم النصر، وكسبوا احترام العالم أجمعين.

وإن كان هناك ربح لنا فلن يكون أفضل من هذا، أن فتح الله أعيننا، وأيقظ قلوبنا، وأرانا الفرق بين من يتحدث عن الديموقراطية والحرية والكرامة الإنسانية وينتهك بإسمها حقوق الشعوب، وبين من يقاتل حقًا من أجلها.

بين من يرغب حقًا في أن يكون جزءًا فاعلاً ومؤثراً في تغيير واقع الأمة الإسلامية، و تحقيق العدل ويقف مدافعًا عن حقوقه وحرياته وكرامته وسيادته، وأن ينهض بالقيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية، وأن يكون خير ممثل للدين الحنيف، وأن يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

وبين من يقف عاجزًا ويرى نفسه في مكان أفضل، لا سمح الله.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كارثة قادمة؟ تحلى ببعض الأمل

لماذا يحب الرجال الحروب! أحاديث على هامش اليوم العالمي للسلام.