عزيزي ثيو: لماذا لانتعلم إلا بعد أن نتألم؟
تم توليد هذه الصورة بواسطة Image Creator from Microsoft Bing
أو هل منعك أحد من تذوق قرن الفلفل الأخضر في المخلل وتناولته حضرتك في لقمة واحدة لإثبات أنك لست صغيرًا ولم تشعر بفداحة الخطأ الذي قمت به إلا عندما شعرت بحرارة في أذنيك ونزلت الدموع ساخنة على وجنتيك!
حدث هذا معي اليوم، في رحلتي من القاهرة إلى مطروح كانت معنا عائلة مصرية طيبة وابنتهم الصغيرة كانت متحمسة للوصول إلى البحر وكانت تطلب من السائق ببراءة أن يزيد من سرعته وأن لا يضيع الوقت في التوقف، وكانت تتأفف إذا علقت السيارة في زحمة المرور، حاول أهلها إرضائها بكل السُبل و لكنها لم تستسلم أبدًا واستمرت في مشروعها.
قبل أن نصل إلى وجهتنا استوقفنا مشهد مريع لسيارة مقلوبة على جانب الطريق وشاهدنا بالتصوير البطيء الحادث المؤلم، كان هناك رجال ممددين على الأرض وسيارة إسعاف تحاول إنقاذهم بينما توافد الرجال وأوقف البعض سياراتهم للمساعدة، داهمتني خيالات مخيفة ولم أستطع قول شيء سوى الاستعانة بالله والدعاء لهم بالشفاء والرحمة.
بعدما تجاوزنا الحادث تغيرت نبرة الفتاة الصغيرة و بدأت تطلب من السائق بصوت منخفض🤏 أن يمشي على مهل وأن يأخذ حذره، ترسخ لديها -ولدينا جميعًا- أن الحياة ليست لعبة، وأن الموت قد يأتي في أي لحظة.
شعرت للحظة بالأسف لخوضها مثل هذه التجربة في هذا السن المبكر وهذا الوقت الذي كانت فيه ذاهبة لقضاء وقت ممتع، ولكن هذا الشعور تلاشى بسرعة. لقد كنت سعيدًا لأن الفتاة تعلمت الدرس بالطريقة الصعبة، وأيقظ لديها مشهدًا واحدًا غرائز الشعور بالخطر، من المتوقع أن تضرب العاصفة دانيال مطروح غدًا، وأتمنى أن تفهم الفتاة أن حياتها أهم من نزول البحر الذي جاءت من أجله.
لم أرد يومًا أن يُضرب بي المثل الشعبي: مايعرفها نين تطب بين ذانه(*) ولذا كنت أحاول أن أستمع للنصيحة أو أضعها في الاعتبار على الأقل، ولكنني أجد نفسي كثيرًا في مواقف لا أُحسد عليها، وأمسك بالسلك العاري ويقول عني والد صديقي: "صاحبك خِرِع"!
_____________
* مثل شعبي معناه أن الحمار أعزكم الله لايعرف العصا إلا عندما تسقط على رأسه ويضرب به المثل لمن لايستمع للنصيحة أو يكابر ويعاند حتى تسقط الدنيا على رأسه.

تعليقات
إرسال تعليق