المشاركات

أنا وأخي

صورة
  العائلة هم الذين وجدناهم حولنا منذ فتحنا أعيننا في الحياة، حتى لو كان الفارق بيننا عامًا بأكمله في حالتي أنا وأخي عبدُالرحمن! أتذكر مصائب طفولتي أكثر مما يمكنني تذكر حدث مُعاصر، يوم خرج علينا الكلب الكبير من الحجرة وكاد أن يُغمى على من الخوف، أو يوم كدنا أن نموت صعقًا بالكهرباء، ولكنها لاشئ مقارنة بالمصائب التي كانت تحدث مع أخي عبدالرحمن، أو المصائب التي كان يُحدثها! لا أذكر متى حضر صديقي عبدالرحمن بالضبط،  ولكنني وجدته بجانبي منذُ وعيتُ على الدنيا، كان هناك أبي وأمي وأخي عبدالرحمن، كنتُ أحتفظ بنعومة أظافري، بينما كان عبدالرحمن يخدش بأظافره كل شئ، يحفر حفرة الكرات الزجاجية، أو يضع مسمارًا حديديًا في الكهرباء (هذه المرة التي كنا سنموت بالكهرباء لولا لطف الله) أو يجمع بيض الحمام. كان يطارد الأرانب حتى جحورها عندما تخرج لأكل الخس والجرجير من حديقة منزلنا ويتشاجر مع طلبة والدي عندما يحضرون لدروسهم، ولم يكن حجمه الصغير يقف حائلًا بينه وبين أي شئ، فكانت شقاوته مصدر شقائه ومصدر شقاء من حوله، إذ أنه لايكاد يهدأ، ولم يكن يغمض له جفن حتى يتفوق على نفسه، في أي شئ، سيفاجئك دائمًا، بعد أ...

هل من الأفضل أن تحتفظ بكتاباتك لنفسك؟ الإجابة لا، وإليك السبب

صورة
 لا أحد يهتم بك على فكرة! هكذا وصلتني الرسالة:- "يجب عليك يا عبدَ الله أن تتوقف عن الكتابة. ويجب عليك أن تتوقف عن محاولة صياغة أفكارك ومشاركتها مع الناس. ويجب عليك أيضًا أن تتوقف عن كونك مثل كتاب مفتوح؛ بمشاركة حياتك وذكرياتك الشخصية، لا أحد يهتم بك على فكرة!" = التوقف عن الكتابة من سابع المستحيلات بالنسبة لي. - إذًا اكتب. ولكن احتفظ بكتاباتك لنفسك. = لا، قرأت ذات مرة أن الإنسان يتقن صناعته إذا كان سيعرضها، ولو جزئيًا على الناس، ويهملها تمامًا، إذ لن يراها أحد غيره، ويعتبر مشاركة أفكاره دافعًاا إضافيًا، إن لم يكن الوحيد لتحسين مايكتب. - إذًا اكتب ولكن بطريقة غامضة، لا تجعلها واضحة ومباشرة وصريحة مثلما تفعل، حتى لا يمكن لأحد أن يحكم عليك، وكن مثل حلوى الهلام، لا يمكن لأحد أن يمسك بها. = ههه هذه طريقة ملتوية، ولا تصل بأي منا إلى أي مكان، أنا أفضل أن أكون شجاعًا ومفيدًا، قادرًا على التعبير عن رأيي بوضوح، على أن أكون غامضًا وعديم القيمة، ليس لدي القدرة لتكوين رأي حتى، وهذان هما الخياران المتاحان أمامي الآن. - إذًا كن شجاعًا في التعبير عن مواضيع مهمة فقط، مثل أمور العلم والدين، ول...

لا عُذر لنا

صورة
  شاهدت مقابلة مع لاعبي منتخب مصر لكرة القدم بعد المباراة التي تأهلوا فيها إلى دور 16، ولفت نظري أنهم يقولون أنهم يواجهون وقتًا صعبًا، ولكنهم كانوا رجالًا واستطاعوا التغلب عليها ولم أستطع أن أتمالك نفسي من الضحك، لأنهم أولًا لم يتأهلوا إلا بتعثر منتخب غانا وتعادله أمام منتخب موزمبيق، وثانيًا هو هل تخرج ملاعب كرة القدم رجالًا؟ ماذا نقول عن أهلنا في فلسطين؟ ولكن ما هكذا تورد الإبل! لاعبي منتخبات كرة القدم يقومون بعملهم، في كل العالم تقريبًا، المشاهير في مجالات الفن والغناء يتصدرون الواجهة في كل مكان تقريبًا! وليس هؤلاء هم سبب تخلفنا. ما يُحزن هو الجانب الآخر؛ يكون الإنسان في أشد درجات البؤس حينما ينظر إلى أمة الإسلام من غانا إلى فرغانة ويرى حالها بين الأمم، نحن لا نضيف شيئًا بالقدر الكافي إلى الحضارة، نستهلكها، ضيوفًا ثقلاء عليها. وإذا خرج من بيننا من يبغي الإصلاح تكالبنا عليه، ووضعنا له العقدة في المنشار، وهو شيء لا نفعله مع الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، إذ نخاف أن ننكر عليهم فسادهم بقلوبنا حتى! بينما عرفت الأمم الأخرى فلزمت، قدمت خيارها، وأخرت شرارها، ونجحت في جعل ما تريده واقع...

عملت إيه فينا السنين؟ حدث راديكالي 2

صورة
  في سن الثامنة عشرة يتفجر الشباب بالطاقة والحيوية، يتحررون من قيود التعليم ويخرجون إلى العالم بصوت أجش، وخطط مرسومة بدقة للسيطرة على العالم دون الأخذ في الاعتبار أنه الماكينة يمكن أن تأكل يده! حاولت استدعاء ذكريات تلك الفترة من التاريخ، عصرت دماغي لأعرف ماذا كنت أفعل بالضبط في هذا الوقت من العمر، ولكن عقلي سينفجر من قلة النوم، ومشتت للغاية بين سن الثامنة عشرة، وبين عام ألفين وثمانية عشرة، والأمر جلل، ولا أستطيع تأجيل الحكاية، دعوني أضع الحبل على الجرار. يقال أن الإنسان بأصغريه: قلبه ولسانه، فإذا صح قلبه نطق لسانه بالحكمة، وهذه الصحة العقلية لا تعتمد على حساب كم مرة تعاقب الليل والنهار على الجسد الفيزيائي، يفاجئني رؤية مفكر وهو بعد في التسعينات من عمره ولا تزال حواسه مصقولة، ويميز بين الصحيح والخاطئ، بعكس اناس اتجهوا نحو المخدرات، وفقدوا عقولهم، وقدرتهم على التمييز، في عز شبابهم، ولايمكن أن يعبر عن هذه الفكرة إلا المثل العربي القائل: " من شب على شيء شاب عليه" عندما أنظر إلى التاريخ أرى زيد بن ثابت، الذي أصبح كاتب الوحي، وتعلم العبرية وهو على مشارف الثامنة عشرة، لم يدخلها بعد،...

كارثة قادمة؟ تحلى ببعض الأمل

صورة
لم أكن أعتقد أنه سيأتي علي يوم وأشاهد عاصفة تتجه نحوي دون أن أكون قادرًا على فعل شيء تجاهها! ففي ذلك اليوم في شهر سبتمبر 2023 شاهدت في بث مباشر كيف تتحرك العاصفة دانيال التي دمرت اليونان وليبيا نحو السواحل المصرية الشمالية حيث أقطن. كنت قد انتهيت من عمل مشروع لأحد عملائي، وأخذت استراحة قصيرة لشرب فنجان قهوة، فتحت هاتفي وقابلني سيل من الأخبار الصادمة، تطوع بعض الأشخاص الذين أتابعهم بنشرها في الستوريز الخاصة بهم، وكانت  عن الدمار الذي خلفته العاصفة في ليبيا،  رأيت مقاطع مؤثرة للمدن قبل وبعد، رأيت سدودًا مدمرة، ومنازل مهدمة، وسيارات محطمة، وأشخاص يصرخون ويبكون على فراق أهلهم وأحبائهم. شعرت بالحزن وصرت أتسائل عن مصير هؤلاء الناس: هل ستكتب لهم النجاة من هذه الكارثة؟ أين سيبيتون؟ وماذا سيحدث في أعمالهم وحياتهم؟ وهل سيكون هناك أمل في إعادة بناء ما تم تدميره بالفعل؟ في تلك اللحظة تمامًا تبدلت الستوريز وأصبحت أشاهد صورًا وفيديوهات لأشخاص آخرين يستمتعون بوقتهم في أماكن مختلفة. رأيت شخصًا يصطاد في البحر، وآخر يقفز في حمام سباحة، وثالثة تعرض طلاء أظافرها الجديد! شعرت بالاستهزاء، وقلت في ...

عزيزي ثيو: لماذا لانتعلم إلا بعد أن نتألم؟

صورة
تم توليد هذه الصورة بواسطة  Image Creator from Microsoft Bing هل قال لك أحد من قبل لا تضع مسمارًا في مقبس الكهرباء ولم تعرف لماذا إلا عندما سبح التيار في جسدك وأصبحت ترتعش مثل مشهد الكهرباء في فيلم الناظر!  أو هل منعك أحد من تذوق قرن الفلفل الأخضر في المخلل وتناولته حضرتك في لقمة واحدة لإثبات أنك لست صغيرًا ولم تشعر بفداحة الخطأ الذي قمت به إلا عندما شعرت بحرارة في أذنيك ونزلت الدموع ساخنة على وجنتيك! حدث هذا معي اليوم، في رحلتي من القاهرة إلى مطروح كانت معنا عائلة مصرية طيبة وابنتهم الصغيرة كانت متحمسة للوصول إلى البحر وكانت تطلب من السائق ببراءة أن يزيد من سرعته وأن لا يضيع الوقت في التوقف، وكانت تتأفف إذا علقت السيارة في زحمة المرور، حاول أهلها إرضائها بكل السُبل و لكنها لم تستسلم أبدًا واستمرت في مشروعها. قبل أن نصل إلى وجهتنا استوقفنا مشهد مريع لسيارة مقلوبة على جانب الطريق وشاهدنا بالتصوير البطيء الحادث المؤلم، كان هناك رجال ممددين على الأرض وسيارة إسعاف تحاول إنقاذهم بينما توافد الرجال وأوقف البعض سياراتهم للمساعدة، داهمتني خيالات مخيفة ولم أستطع قول شيء سوى الاستعانة ...

كيف نتعامل مع الرفض؟ تساؤلات حول الوظيفة والمسار المهني وتعدد الاهتمامات

صورة
  «من نحن سوى القصص التي نحكيها لأنفسنا، وعن أنفسنا، ونؤمن بها» - سكوت تورو، محامي وروائي أنا إنسان شارد الفكر، أحياناً أغيب عن الواقع وأسافر راكبًا حصان خيالي ، أحياناً أتذكر الماضي بحلوه ومره، وأحياناً أخطط للمستقبل، بأمل وخوف.  هذا الشرود قد يكون بسبب أنني عالق في كتابة نص مثل هذا، أو أنني أحتاج إلى معالجة بعض الأشياء قبل القيام من السرير ، وأحيانًا أشرد لأنني أفكر في حل لغز لم أتمكن من حله في لعبة الشطرنج! في رحلة عمل مؤخراً، كنت شارداً كالعادة، وأبتسم ببلاهة ولم يكن لدي أي شيء من الأشياء السابق ذكرها لأفكر فيه. ولكنني كنت قد تلقيت خبرين مهمين في نفس الوقت: 1- تم استلام روايتي التي كتبتها على مدى ثلاث سنوات في مسابقة روائية مرموقة ( مسابقة خيري شلبي للعمل الروائي الأول 2023)  2- تم قبول فيلمي الوثائقي القصير في مهرجان الجزيرة للفيلم الوثائقي القصير. كانت روايتي قد وصلت العام الفائت إلى القائمة الطويلة وكنت سعيدًا جدًا بهذا الإنجاز، وكان هذا العام هو الفرصة الأخيرة بالنسبة لي للدخول في مسابقة الجزيرة الوثائقية للأفلام القصيرة، وكنت شاردًا أفكر: ماذا لو فزت بالجائزتين؟ ...